الاثنين، 10 مايو 2010

الرشيد وجهة سياحية ومركز استجمام


    من قديم، عرف سكان أودية النخيل فوائد السياحة وفضائلها، وكان الرشيد منها وجهة سياحية رئيسية، لجميع سكان المنطقة، الذين كانوا يقصدونه أيام اﻠﮔيطنه (موسم التمور: مايه، يونيه، يولية) ليستظلوا في غابات نخيله من حر الصيف، وللتداوي لدى أطبائه التقليديين، الذين يعتمدون على ثمار نخيله من البسر (إبريل)، قبل أن يتلون، ثم بالرطب، ويستشفون بحساء (نشاء) قمح أشيلال (الشادوف) وشعيره المروي تحت النخيل، وبمياه عيونه (أحساء مرصوفة بالحجارة)، وبحب أيزن (الربعي وآلخيص، قبل ان يكون منجاقه) ، وبالأعشاب الشافية.
  ظلت اﻠﮔيطنه موسما متميزا، يستعد له السكان سنويا، سواء من البادية أو المدن اليوم؛ ففيها تفض المشاكل الفقهية، وتُطوّف النوازل والفتاوى، وتوصل الأرحام، وتنعقد المعاملات والصداقات، وتُقضى الديون، وتنعقد الزيجات، وتنظم المباريات في كل مجال: الشعر، الغناء، الموسيقى، الرقص، سباق الإبل، سباق الخيل، وفي أنواع الأطعمة، ويتبارى الشبان في أنواع الرياضات، خاصة الرماية.   إنه بحق موسم الفرحة والراحة والانتجاع والاستهلاك، موسم تجديد الحياة، كما يقولون. وهاهو الشيخ سيديه بابه يذكّر صديقه المامي بن امْبيْ بجوّ اﻠﮔيطنه:
        
 أتـــذكر يا مامـــي أيـــام رذاذ                 وأطباقَ تنوازيدَ  يــوم جذاذِ
وبطحاء بالرشيد تزهوا عشية                  وماءَ فرات في بطون وِجاذِ
إذ الدهر سلم والخطوب غوافل                والأقــدار لم تأذن لها بنـفاذِ

**
        
ويقول محمد بن آدبّه:

بل ﺍﻤْﮕيل البـظان اَوَانْ        الحَرْ اُتَنـزاهْ الشّــبان
واﻟﮕِفان اُخوض الكَحلانْ        والـناس الرفاعْ الرشيد
وابْلد زاد ارْفُـود اَزوانْ        واطْروحُ مرفود ابلا ﮔيدْ  
رَفّـادُ مصطاد اُفرحـان        وَالكسْحَه ﮔﺎعْ اعْليهْ ابْعيدْ
ِوِجـوهْ اِمَلـْيانْ اُﮔُمانْ        اعْليهمْ ما فيهمْ رشيــدْ
علاّهْ المنّانْ اعْـلَ ظَانْ        ﻟﮝصورْ اُوَسّـاهْ المَجيدْ
اَيّامُ بَاطْ اَيّـامْ اَعْـيَـادْ        وَالْياليهْ اُدَوّارْ الــغيدْ
 اُفيهْ الْغيدْ اعْلَ كَثْرَه زَادْ        الْ تَتْحفّلْ يوم الــعيدْ 

ويقول محمد الأمين بن ختار الجكني، عندما طلب إليه بعض قومه أن يعود إلى موطنه
 ويترك الرشيد:
فتى يمسي ويصبح بالرشيد   يعلل بالنـــــــــــسيم وبالنشيد
وأكــمام النحيل تريه زهوا    على جنبات ذا القصر المشيد
يحن لأهله وفضـــول مال     لعمر الله لم يك بالرشـــــــــيد



 
الفـــــــنون     
   تنتمي إلى الرشيد إحدى أشهر الأسر في الموسيقى والغناء في موريتانيا، وهي أهل آبّه بن الجيش بن سدوم بن اﻨﭼرتو، وقد اشتهر منهم سدّوم بن آبه أحد أكبر شعراء الحسانية، إلى منتصف القرن الماضي، وسيداتي بن ألفه بن آبه، أكبر فنان عرفته البلاد في ستينيات القرن الماضي، ملحن النشيد الوطني، وأخواه الشيخ وسدوم، وابناه سدوم وأحمد وابنتاه اللوله (ديمي) الفنانة الكبيرة وأختها ﮔرمي، وأبناء أخويه.
    الرشيد من أغنى المناطق بالفنون الشعبية من غناء ورقص، وتقليد مسرحي، ومن أهم من بزوا في ذلك اسْويحية بنت الَفظيل، وسيد أحمد بن اعْبيدهم، وزينبو بنت علوش وبنات معط الله، وبنات الفالّي... 
  وهو مركز رئيسي لفنون العمارة، وخاصة صناعة الحجارة، والتبليط بها، ويزخر بكوكبة من المعماريين ذائعي الصيت.


هناك 4 تعليقات:

  1. بالفعل مدينة رائعة، وروعتها في الطبية في القيم في الصمود وفي الهدوء...
    شكرا لكم علي هذه المبادرة القيمة،التي تجعلنا بالفعل نتعرف علي قلعة من قلاع الصمود في وجه المستعمر والتضحية من أجل الوطن،

    شكرا، والف شكر...

    شكرا لكم يا أبناء موريتانيا

    ردحذف
  2. أعجبتني العبارة التي استخدمت في وصف المدين وأهلها وهي '' الروعة في الطبيعة وفي القيم والصمود والهدوء''
    خاصة أن ساكنة هذه المدينة عانو من التهميش ولازالو فلا التاريخ المكتوب في دفاتر الجيل الناشئ ينصفهم ولا الحكومات المتعاقبة ترد لهم العتبار خدمة للوطن... فقد شرهدهم المستعمر وحطم ديارهم ونهب ممتلكاتكم...ولا احد يتحدث سوى عن الأسماء فلماذا الإنسان الموريتاني رخيص غلى درجة أن ننساه ونسى ماعاناه،ربما يكفي الموريتانيين أنهم بلد المليون شاعر لكن قد يقول قائل بأنهم ذلك اللقب أنساهم في حرمة الدم وكرامة الإنسان وسطوة المعتدي الفرنسي الذي استفادة من هشاشة الروابط الجهوية والقبلية إن جاز التعبير مستعينا ايضا بنخبة من المثقفين...والسؤال المطروح بالنسبة لي ''لما ذا في تاريخنا لا نسمع عن ضحايا وقتل وتشريد ونهب وظلم، أم أن المقاومة قوامت المستعمر دون شق الأنفس وكان الطريق مفروشا بالورود..؟ ,

    ردحذف
  3. شكرا ياأمجاد الرشيد .
    مامين أحمد الزين

    ردحذف